prince of darkness Admin
عدد المساهمات : 564 نقاط : 3825 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/07/2010 العمر : 29
| موضوع: حتى يحبنا الله عزوجل السبت يوليو 24, 2010 5:51 pm | |
| <tr>
محاضرة شرعية للشيخ الدكتور عبدالعزيز بن فوزان الفوزان 28-2-1427هـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من تمسك بهديه قربه وأدناه وأسعده فى دنياه وأصلاه وجعل الجنة مؤاه ومن أعرض عن ذكره أبعده وأشقاه وجعل النار مثواه وأشهد أن محمد عبده ورسوله وخليله ومصطفاه صلى الله وسلم عليه وعلى أله وصحبه ومن سار على نهجه وإهتدى بهداه
أيها الأحبة فى الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وأسأل الله عزوجل أن يبارك فى هذا المقام وأن يجعل إجتماعنا هذا إجتماعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما وأن لايجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما وأن يتقبل منا صالح أعمالنا وأن يغفر لنا ما كان فيها من سفه أو تقصير إنه هو الغفور الشكور. أيها الأحبة حديثي إليكم فى هذا الموضوع هو عن موضوع من أهم الموضوعات وقضية من أهم القضايا كيف لا وهي الغاية التي يسعى كل مؤمن لتحقيقها والفوز بها وهي أيضا الغاية التي خلق العباد من أجلها وأنزلت الكتب وأرسلت الرسل وجردت السيوف من أجل تحقيقها خالصة لله عزوجل كيف لا وهي مقتضى ومعنى لا إله إلا الله محمد رسول الله إنها محبة الله عز وجل.
كيف يحبنا الله عزوجل وما الوسائل التى توصلنا الى هذه الغاية الجليلة التي نسعى الى وصولها ويسعى الى ذلك أنبياء الله ورسله وأتباعه بإحسان الى يومنا هذا والى أن تقوم الساعة.
إن هذه المنزلة العظيمة الشريفة كما قال عنها ابن القيم رحمه الله فى كتابه العظيم الجليل المبارك مدارج السالكين فى منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ذكر من منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة المحبة، قال فى بيان مكانة هذه المنزلة وعظم شأنها
(وهى المنزلة التى فيها يتنافس المتنافسون وإليها شخص العاملون والى عملها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروح العابدون فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون وهى الحياة التى من حرمها فهو من جملة الأموات والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات والشفاء الذي من عدمه حلت به جموع الأسقام واللذة التى من لم يظهر بها فعيشه كله هموم وألام وهى من سمة هذه الطائفة المسافرون الى ربهم الذين ركبوا جناح السفر إليه ثم لم يفارقوه إلا حين اللقاء وهم الذين قعدوا عن الحقائق وقعدوا من سواهم على الوصول وهو عنوان طريقتهم ودليلها فإن العنوان يدل على الكتاب والمحبة تدل على صدق الطالب وأنه من أهل الطريق كما أنها معقد النسبة أي النسبة بين الرب وبين العبد فإنه لا نسبة بين الله وبين العبد إلا نسبة العبودية من العبد والربوبية من الرب وليس للعبد شئ من الربوبية وليس فى الرب شئ من العبودية فالعبد عبد من كل وجه والرب تعالى هو إله الحق من كل وجه فمعقد نسبة العبودية هو المحبة فالعبودية معقودة بها بحيث متى إنحلت المحبة إنحلت العبودية )..إذا لايمكن ان تتحقق العبودية التى خلق الله عزوجل العباد من أجلها إلا بالمحبة فهو عمادها وأساسها الذي تقوم عليه ولهذا قال.. (وهي روح الإيمان و الأعمال والمقامات والأحوال التي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه تحمل أثقال السائرين إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها وتوصلهم الى منازل لم يكونوا بدونها أبدا واصليها وتبوؤهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولاها داخليها وهي مطايا القوم التي مسراهم على ظهورها دائما الى الحبيب وطريقهم الأقوم الذي يبلغهم الى منازلهم الأولى من قريب تالله لقد ذهب أهلها ( يعني المحبة فى الله) ذهبوا بشرف الدنيا والأخرة إذا لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب وقد قضى الله يوم قدر مقادير الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة أن المرء مع من أحب فيالها من نعمة على المحبين سابغة).
نعم المحبة هي التى أعلن عنها موسى كليم الرحمن صلى الله عليه وسلم حين قال {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }طه84 وهي التي أعلنها إبراهيم حين قال {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ }الصافات99 وهي التي كان يدعوا بها ويلح عليها رسولنا صلى الله عليه وسلم فيقول (اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك اللهم إجعل حبك أحب إليا من نفسي وأهلي ومن الماء البارد ). كل إنسان أيها الأحبة يعاملك فى هذه الدنيا لكي يربح منك أو من خلالك إما عملا دنيويا أو أجرا فى الأخرة وثواب من الله، فهو يعاملك ليربح ويكسب إن فى الدنيا وإن فى الأخرة وإن فيهما معا، أما الله عزوجل فهوا يعاملك ،ويكرمك ،وينعم عليك، ويرحمك ويتولاك ويعتني بك لكي تربح أنت وتكسب عليه سبحانه. فجعل الحسنة بعشرة أمثالها الى سبعمائة ضعف الى أضعاف كثيرة لأنه يحبك سبحانه ويريد لك الخير فى الدنيا والأخرة. وجعل السيئة منك سيئة واحدة وهي أسرع شئ للمحو بأسباب كثيرة، دمعة واحدة منك تمحوا ألالف الخطايا، وختمة قصيرة فى الطاعة تنسف أطنان الذنوبن كيف لا وقد سمى الله سبحانه وتعالى نفسه الغفور إنه عزوجل يحب لك الخير ويفرح بتوبتك وأنت تعصيه وتبارزه بالطغيان والعدوان ،إنه عزوجل يعرض فضله على عباده ويأمرهم بدعائه وسؤاله لكي يعطيهم ويزيدهم من فضلهن وأنه يحب لهم الخير وهو الغنى عنهم سبحانه وتعالى غنى متطلق {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }فاطر15 حتى حين أمرهم بطاعته، بالصلاة والصيام والزكاة والحج والذكر وقرأة القرأن وغيرها من أنواع الطاعات ، إنما أراد من ذلك نفع العباد وجلب السعادة لهم وتحيق مصالحهم فى عاجل أمرهم وأجله وفى دنياهم وأخرتهم، فالله عزوجل غنى عن عباده لا تنفه طاعة المطعين، ولا تضره معصية العاصين، إنما ينفعون أنفسهم أو يضرونها، ألسنا نقرأ قول الله عزوجل {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت 46 ونقرأ قوله عزوجل {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }العنكبوت6. فمن جاهد نفسه فى طاعة الله عزوجل ومرضاته فخير ذلك وثمرته وحسن عاقبته عائد إليه، والله عزوجل لا يستفيد من ذلك شئ ألم يقل ربنا فى الحديث القدسي ( يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم مازاد ذلك من ملكي شيئا ياعبالدي لوا أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شئا ياعبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منكم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها** أي فى الدنيا وفى الأخرة أوفيكم إياها إن كانت صالحة سعادة عاجلة فى الدنيا مع مالكم من الجزاء العظيم والنعيم المقيم فى الأخرة ** ... فمن وجد خيرا فاليحمد الله **فهو الموفق لهذا والهادي له سبحانه وتعالى وهو الذي أنعم عليك بأن هداك للإيمان وشرح صدرك للإسلام وأنعم عليك بأن يسر لك القيام بهذه الطاعات والعبادات ثم أنعم عليك بأن جزاك عليها الجزاء الأوفى فى الدنيا وفي الأخرة** ثم قال ...(ومن وجد غير ذلك فلا يلمن إلا نفسه .. فلا يلمن إلا نفسه )..نعم الله عزوجل هو الجواد الكريم وهو المنعم المتفضل الغني عن عباده ولكن من رحمته بهم يريد لهم الخير والفلاح والنجاح والسعادة فى الدنيا والأخرة ولهذا أمرهم بدعائه أنظروا فضله على عباده قبل أن يسألوه فكيف به سبحانه وتعالى بعد أن يسأل ويدعى ويلح عليه عزوجل ،فهو الجواد الكريم الحنان المنان الذي بيده خزائن السموات والأرض، أنظروا كم أنفق منذ خلق السموات والأرض، وخزائنه ملئ سبحانه لاتنقصها نفقة يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين ينزل ربنا الى السماء الدنيا حينما يبقى ثلث الليل الأخر فينادي( هل من داعي فأستجيب له هل من سأل فأعطيه..
**الكريم عزوجل يعرض بضاعته التي هي خزائن السموات والأرض** (هل من سأل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له )..وفى روايه (هل من تائب فأتوب عليه )..إذا الله عزوجل ينعم عليك لايربح منك فهو الغني عنك لكنه بكمال رحمته عزوجل بعباده وحبه للمؤمنيين المسلمين من خلقه.
ماهي المحبة التي نسعى نحن لتحقيقها حتى يحبنا الله عزوجل ؟
..يقول إبن القيم رحمه الله( إعلم أن المحبة لله عزوجل لاتعرف بتعريف أوضح منها فالحدود و التعاريف لاتزيدها إلاخفاء فلا توصف المحبة بوصف أظهر من (المحبة ) نعم إن المحبة معلومة لكل أحد يفهم معناها وكما قيل تعريف الواضحات من المعضلات، إن تعريف الحبة قد لايزيدها إلا غموضا وخفاء فهوا أمر لا يخفى على أحد ويعرفه بمقتضى الفطرة. ولهذا كما قال بن القيم رحمه الله فإن كل من تكلم فى تعريف المحبة فهوا فى الواقع إنما يبين أسبابها وعلاماتها وشواهدها وثمراتها
ولكن مما قيل فى معنى المحبة وقد ذكر بن القيم رحمه الله أكثر من ثلاثين تعريفا عن جمع من السلف ومن الأفضل ما قيل فى تعريفها وهو بيان لثمراتها وعلاماتها قول بعضهم:
المحبة هي الميل الدائم بالقلب الهائم . *أي أن يكون قلبك معلق بالله عزوجل تتذكره سبحانه وتسعى لمرضاته ومحبوباته. ويقول أخر المحبة هو إيثار المحبوب على جميع المصحوب *أي تقدم مايحبه الله عزوجل على ماتحبه نفسك وتهواه أو يريده منك أحد من عباد الله على غير مراد الله وقيل: هو موافئة االقلب لمرادات المحبوب ..وهو بمعنى سابقه وقيل: المحبة إرادة غرست أغصانها فى القلب فأثمرت الموافقة والطاعة للرب سبحانه وقيل : المحبة هي موافقة الحبيب فى المشهد والمغيب وقيل وهذ كما قال بن القيم من أحسن ماقيل فى تعريفها قيل المحب هو عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم بأداء حقوقه ناظر إليه بقلبه أحرقت قلبه أنوار هيبته فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرك فبأمر الله وإن سكت فمع الله فهوا بالله ومع الله وفى طاعة الله.
أما كيف يحبنا الله عزوجل ؟ ما الأسباب التي تحقق لنا هذه الغاية العظيمة التي لأجلها أنزل الله الكتب وأرسل الرسل وجندت الأجناد وجردت السيوف فصار الناس فريقين مؤمنيين وكافرين.
إن لها أسباب كثيرة وردت فى الكتاب والسنة وقد ذكر منها ابن القيم رحمه الله عشرة أسباب ولكنها عند التفصيل قد تزيد عن مائة سبب
فأسباب المحبة هى جميع الطاعات كل الطاعات والعبادات التى شرعها الله عزوجل لعباده هى أسباب لتحقيق محبته سبحانه وتعالى لعبده. لكنها من حيث الإجمال قد تكون مقصورة على عشرة أو خمسة عشر سببا أذكر منها مايتيسر
أول هذه الأسباب وأهمها ومصدرها ومرجعها هو صدق الإتباع لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم إذا كانت المحبة أيها الأحبة كما أسلفت فى أول الحديث هي معنى لا إله إلا الله فمعنى الله أو الإله التأله له سبحانه وتعالى بالمحبة والتعظيم والخوف والرجاء، فهذه حقيقة لا إله إلا الله ما الطريقة الى تحقيق هذه الغاية العظيمة إن الطريق الى تحقيق لا إله إلا الله هو القيام بحقيقة محمد رسول الله هو القيام بحقيقة شهادة أن محمد رسول الله فلا طريق لتحقيق المحبة السابقة لله عزوجل والعبودية الكاملة له إلا بماشرعه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعنى أشهد أن محمد رسول الله طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر وإجتناب مانهى عنه وجزر، فلا إله إلا الله فيها تجريد المحبة والعبودية لله وشهادة أن محمد رسول الله فيها تجريد لإتباع والإقتداء والإستلام بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولهذا قال الله عزوجل {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31 {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }آل عمران32. هذه الأية سماها العلماء أية المحنة أوالإبتلاء فقد زعم قوما أنهم يحبون الله عزوجل فأراد الله عزوجل أن يختبرهم ببرهان يكشف المحب الصادق من الدعي المنافق، كل مسلم يدعي أنه يحب الله عزوجل لكن هل فعلا كل المؤمنيين يحبون الله حقيقتا؟؟ ،أم الكثيرين منهم يدعون ذلك وواقعهم وأعمالهم تكذب هذه الدعوة.
والدعايا إن لم يكن عليها بينات أصحابها أدعياء
إذا لما كانت هذه دعوى يقولها كل مسلم بين الله عزوجل البرهان الصادق الذي يفصل بين المحب الصادق والدعي المنافق قال {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31ثم أكدها فى الأية التي بعدها {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }آل عمران 32 إن كنت تقدم محبوبات الله ومحبوبات رسوله صلى الله عليه وسلم على محبوبات صادق فيما تدعيه من محبة الله، وإن كانت الأخرى تعارض عندك محبوب الله و محبوب نفسك وهواها وشهواتها فقدمت محبوبات نفسك على محبوبات الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلست ممن يحب الله.
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا محال فى القياس بديع لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ }آل عمران31 قل... اي إعلم هذا يامحمد صلى الله عليه وسلم للناس جميعا،إن كنتم تحبون الله كما تزعمون فإن برهان المحبة ودليلها هو إتباعي بكل ماثبت فى سنتى، فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ، إذا أردت أن يحبك الله عزوجل وأن تكون من أولياء الله عزوجل والمقربين من عباده المخلصين عنده سبحانه فاجتهد فى إتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والأقتداء بهديه والسير على منهاجه وسنته صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب خطبة قال ( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ظلالة ) البدعة هي أن تتعبد لله بشئ لم يأذن به الله ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يقر عليه أحد من أصحابه، أن تتعبد لله بشئ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه هي البدعة فهي محرمة وهي سبيل من سبل الشيطان وإن أراد بها العبد الجاهل التقرب الى الرحمن، ولهذا أنكر الله عزوجل عن من يتقربون إليه بالبدع والمحدثات والشركيات فقال سبحانه {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ }الشورى21.ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى موعظته العظيمة قبيل وفاته فى حديث ابن سارية المشهورقال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يارسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، أستمع إلى أخر وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته، هذا العهد الذي عهد به الى كل مسلم إلى قيام الساعة قال عليه الصلاة والسلام ( إنه من يعش منكم فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ظلالة وكل ضلالة فى النار ). إذا هذا هو السبب الأول وهو صدق الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أحب شيئا حرص على إتباعه وتلمس مايرضيه ويعجبه، هذا فى أمور الدنيا وقد تكون هذه المتابعة فيما هو محرم وفيه ضررعليه فى دينه أو بدنه أو ماله ، فكيف إذا كان هذا الإتباع فيه نيل السعادة الحقيقية فى الدنيا والأخرة ،فإن الله عزوجل وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم لايمكن أن يأمر العباد بشئ إلا لما فيه من الخير والنفع والمصلحة لهم فى الدنيا والأخرة، ولا يمكن أن يرد فى الشرع نهي فى كتاب وسنة إلا في هذا المنهي عنه من الشر والفساد والضرر على العباد إن فى الدنيا وإن فى الأخرة وإن فيهما معا، ألم يقل ربنا عزوجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }الأنفال24.. يعني أن الله عزوجل وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم لايمكن أن يدعوكم إلا لما فيه حياتكم الحقيقية وسعادتكم وإنسكم وتحقيق مصالحكم فى عاجل أمركم وأجله ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24 إذا هذه هي أهم أسباب تحقيق المحبة لله عزوجل..
السبب الثاني حتى يحبنا الله عزوجل تحقيق التقوى لله عزوجل فالتقوى هي العبادة التي خلقنا من أجله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 ولهذا قال الله عزوجل (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }التوبة فهذا سبب ووسيلة من أهم أسباب ووسائل تحقيق محبة الله عزوجل للعبد وفي السنة يقول صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العبد الغني الخفي التقي )..
فالتقوى من أعظم أسباب تحقيق محبة الله عزوجل لعبده والتقوى هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله عزوجل وقاية بفعل أوامره وإجتناب نواهيه سبحانه وفسرها طلق ابن حبيب** بأن التقوى هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله (أي على هدى من الله وعلى سنة وإتباع ) ترجوا ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله ** وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه مبين حقيقة التقوى ( التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل ).. وسأل عمر بن الخطاب رضى الله عنه ابي ابن كعب عن التقوى ماهي؟؟ أنظر من السائل ومن المسؤل... ياأبي ما التقوى؟؟ قال: أبي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنيين أما سلكت طريقا ذا شوك
قال : بلى ..قال: فما صنعت؟؟ قال : .. شمرت وإجتهدت قال .. فذلك التقوى
إن التقوى أيها الأحبة حساسية فى النفس وشفافية فى الشعور وحياة صادقة فى القلب تجعل الإنسان يحذر من كل معصية تبعده عن الله عزوجل، وتجلب له مقته وسخطه مع غضبه سبحانه ويحرص على الإجتهاد فى كل طاعة تقربه الى الله سبحانه وتعالى وتجلب له محبته ورضاه هذه هي التقوى. خلي الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى ..وإصنع كماشى فوق أرض شوك يحذر مايرى لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
دعا النبي صلى الله عليه وسلم زوجه أم المؤمنيين عائشة رضى الله عنها فقال( ياعائشة أياك ومحقرات الذوب فإن لها من الله طالبا ) محقرات الذنوب صغائر الذنوب التي يتساهل فيها الكثير من الناس اليوم، ويقول أنس رضي الله عنه أنظروا ويقولوا هذا لمن إنه للتابعين، أهل القرن الأول وأفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، يقول لهم مستنكرا حالهم فى التساهل بالصغائر ( إنكم لتعملون أعمالا هي فى أعينكم أدق من الشعر إن كنا لنعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبيقات ).. الله المستعان. كيف لو رأى زماننا اليوم ونحن يشاهد أقواما يتقحمون كبائر الذنوب وموبيقاتها ونرى الواحد منهم لايعمل شئ يذكر نسأل الله العافية.. تجدونهم يأكلون الربى والرشاوى ويأكلون أموال اليتامى ويقعون فى الكذب والبهتان والغيبة والنميمة بل الزنى واللواط وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم واالغش للمسلمين، ويرون أنه لم يفعلوا شيئا ،نعوذ بالله من عمى البصائر وإنتطماس القوب ويقول النبي صلى الله عليه وسلم محذرا من الصغائر فكيف بالكبائر ( إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه كمثل قوم خرجوا فى سفر فحضر صنيع القوم ( أي غذائهم أو عشائهم) قال فحضر هذا يأتي بعود وهذا يأتي بعود حتى جمعوا حطبا وأججوا نارا وأنضجوا ماطبخوا فيها ) أنظر هذا المثال العجيب إنه يبين أن الذنوب تحرق إلإيمان فى القلوب كما تحرق النار الحطب والمعاصي هي عدوا الإيمان ودليل الكفر وربما أخرجت العبد من الدين بالكلية والعياذ بالله
من الأسباب أيضا وهو السبب الثالث وهو من الأسباب العظيمة ومكمل لما ذكرناه فى السبب الثاني التقرب الى الله عزوجل بأنواع النوافل بعد أداء الفرائض،فإن هذا من أعظم أسباب تحقيق محبة الله للعبد فالله عزوجل يحب من أطاعه كما يبغض من عصاه سبحانه وكلما إزداد العبد تقربا الى الله عزوجل بما شرع من أنواع الطاعات والقربات، إزداد قربا من الله عزوجل وإزدادت محبة الله عزوجل لهذا العبد وتوفيقه له وتيسره أموره وتحقيق النجاح والفلاح والسعادة له فى الدنيا والأخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى فى الحديث القدسي ( من عاد لي وليا فقد أذنته بالحرب ) .. فولي الله عزوجل هو من أطاع الله فأولياء الله هم المتقون الصالحون من عباده والله عزوجل هو من يتولى الدفاع عنهم وحرب من يحاربهم ويؤذيهم فهو الناصر لهم سبحانه كما قال عزوجل {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غافر51 {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }غافر52.. ويقول الله عزوجل (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم47 وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد7.. ويقول {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ }الحج38.. فعلى قدر إيمان العبد وتقواه وقيامه بطاعة الله تكون محبة الله له وتوليه إياه ونصرته له عزوجل، كلما إزداد إيمانا إزدادت محبة الله سبحانه وتعالى له قال ( من عاد لي وليا فقد أذنته بالحرب وماتقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما إفترضته عليه ) أعظم شئ وأحب شئ تتقرب به إلى الله عزوجل هو الفرائض من إقامة الصلوات الخمس التي شرعها الله والصيام الواجب في رمضان والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام والقيام بواجب الدعوة الى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل بحسب طاقته وقدرته وما أشبه ذلك من الواجبات ثم ماذا قال ( ماتقربا إلي عبدي بشئ أحب إلي مما إفترضته عليه ولا يزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولإن سائلني لأعطينه ولإن إستعاذني لإعيذنه)..كيف تنال محبة الله من خلال هذا الحديث تنالها أولا بالتقرب إلى الله بالفرائض والواجبات ثم بأن تتبع ذلك بما تيسرلك من أتواع النوافل والطاعات والقرباتفإذا فعلت ذلك أكرمك الله عزوجل بمحبته ورضوانه فأجبك سبحانه ..ولا يزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه..فإذا أحبك الله عزوجل ملاء قلبك بالإيمان والتقوى وعصمك من الوقوع فيما يسخط الله عزوجل ويغضبه ويأباه فلا تنصت بسمعك الى حرام ولا تطلق بصرك فى النظر الى الحرام و لاتبطش بيدك فى حرام ولا تمشي الى حرام هداية من الله تعالى وتسديدا
..فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به.. يعني أعصم سمعه عن الحرام من الغيبة والنميمة والشتيمة والسب والكلام الفحش ومن الغنى المحرم والموسيقى وغير ذلك مما حرمه الله تأبى عن أن تستمع لهذا ويرفض لأن الله عزوجل ملئ قلبه بالخشية والإيمان والطاعة وهداه وسدده فلا يرضى أن يسمع الى حرام وقال .. وبصره الذي يبصر به..فلا تنظر الى ماحرم الله عزوجل عصمة من الله وهداية وتسديدا وكذلك يدك لاتمس بها حراما ولاتبطش بها فى حرام أو عدوان وكذلك قدمك وجميع جوارحك وهذا مصداق قوله عزوجل {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ }يونس9..و قوله {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ }محمد17 أهتدوا بفعل الطاعات والقربات ونوافل العبادات فأكرمهم الله عزوجل بأن هداهم الى الإيمان والتقوى ..(أتاهم تقواهم {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }مريم76 والأيات فى هذا المعنى كثيرة إذا هذا من أعظم أسباب جلب محبة الله عزوجل للعبد التقرب إليه سبحانه وتعالى بما يحب ولله المثل الأعلى تجد هذا فى أمولر الدنيا إذا أردت أن تستجلب محبة أحد حرصت على فعل مايرضيه ويعجبه وكلما أمعنت فى خدمته والقيام بمحبوباته وماتهواه نفسه أحبك ووثق فيك وقربك إليه فالله عزوجل أكرم من عباده وأرحم بهم فإذا إجتهد العبد فى عبادته والتقرب إليه وتحقيق أسباب محبته أكرمه سبحانه بما طلب وسعى إليه . ومن الأسباب المهمة أيضا فى تحقيق محبة الله عزوجل دوام ذكرالله سبحانه . فالذكر من أعظم أسباب تحقيق محبة الله عزوجل، والله عزوجل مع من يذكره وهو ولي من تولاه سبحانه ولهذا قال الله عزوجل {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }البقرة152.. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح(مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه كمثل الحي والميت) .. فالقلب المنشغل عن ذكر الله عزوجل ميت والعياذ بالله خال من الشعور بمحبة الله عزوجل والقرب منه بخلاف الذاكر لربه ويقول الله عزوجل فى الحديث القدسي( أنا عند ظن عبدي بي وأن معه حين يذكرنيفإذا ذكرني في نفسي ذكرته فى نفسي وإن ذكرني فى ملاء ذكرته فى ملاء خير منه ) .. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( وما إجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ).. وفى رواية ( يذكرون الله تعالى ) .. إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) ..الله أكبر من فضل عظيم وعطاء جزيل لايحرمه والله إلا محروم من أنت يابن أدم حتى يذكرك الله عزوجل ويحتفي بك هذه الحفاوة هباء فى هذا الكون لاتساوي شيئا لكنها كرامة المؤمن عند الله عزوجل وهذا فضل عظيم من فضائل الذكر لله سبحانه ووالله لو لم يكن فى فضائل الذكر إلا أن الله عزوجل يذكر من ذكره لكان ذلك كافيا في بعث همة المؤمن للإكثار من ذكر الله عزوجل واللهج بحمده وشكره سبحانه ولهذا مدح الله عزوجل المؤمنين بكثرة الذكرله فى أيات كثيرة من كتابه فقال (َالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الأحزاب35 .. وقال سبحانه فى بيان حالهم أيضا {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }آل عمران191.. وتقول عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه ) هكذا يكون القلب المعلق بالله هذا هو القلب الذي يسعى جاهدا لتحقيق محبة الله فهوا معى الله عزوجل فى كل أحواله يذكره قائما و قاعدا و مضجعا وعلى كل حال يذكر الله عزوجل عندما يريد أن ينام ويذكره أول مايقوم من النوم ويذكره أول ما يدخل لبيته ويذكره إذا خرج منه وهكذا على كل حال يذكر الله سبحانه وتعالى ذكرا بقلبه لايغفل عنه لحظة وذكرا بلسانه فهو كثير اللهج بحمده وشكره وتسبيحه وتهليله وتكبيره ودعائه وقراءة كتابه سبحانه إذا ذكر الله عزوجل من أكبر أسباب تحقيق محبة الله عزوجل وهو من أظه علامات صدق محبة العبد لربه أيضا فمن أحب شئ أكثر من ذكره .
السبب الرابع من أسباب تحقيق محبة الله عزوجل إيثار ما يحبه الله عزوجل على ماتحبه نفسه وهواه بل إيثار محبة الله على كل شئ سواه وهذا حقيقة محك عظيم لايتجاوزه إلا قلة من المؤمنين إذا أردت أن تعرف إذا أنت صادق فى محبة الله وهل الله يحبك فعلا فأنظر حالك حينما تتعارض محبوبات الله عزوجل مع محبوبات نفسك وهواك وشهواتك فإن كنت تقدم مايحبه الله تعالى على هواى نفسك ومحبوباتها فاعلم أنك تحب الله تعالى وأن اللهعز وجل يحبك وإن كانت الأخرى فراجع إيمانك . تأمل حالك حينما يؤذن لصلاة الفجر أنظر هل تترك هوى نفسك بأن تبقى فى فراشك ودفئه وراحته وفى لذة الأستغراق فيه أو تنبعث مباشرة لنداء الله تعالى لك بالصلاة أنظر حالك عندما تنازعك نفسك على أخذ مال الحرام من الرشوة والربى والسرقة أو من غش وخداع هل انت تراقب الله عزوجل فتترك هذا الحرام لان الله تعالى حرمه ولايرضى لعبده المؤمن أن يتعاطاه أم تقتحم والعياذ بالله وتقدم عليه تقديما لهواك ومحبوبات نفسك على ما يحبه الله عزوجل ويهواه، أنظر حالك عندما ترى نعمة على أحد من عباد الله عزوجل فتتحرك فى نفسك عوامل الحسد فهل تقنعها بالدعاء لهذا الشخص والتبريك له وعليه وأن تحب له ماتحب لنفسك وتكره له ماتكره لنفسك أم تكون الأخرى والعياذ بالله تحسده وتتمنى زوال النعمة عنه وربما تسعى والعياذ بالله لإزالتها بإتلاف ماله أو تشويه سمعته أو غير ذلك مما يحصل بين الناس فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مايزال الناس بخير مالم يتحاسدوا ) ويقول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح ( ذب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ألا وهي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن الدين ).. كم من الناس أيها الأحباب تجده محافظا على الصلاة والذكر وقراءة القرأن بل ربما يقوم الليل ويصوم النهار،لكنك تجده فى جانب سلامة الصدر والبعد عن الغش والحقد والحسد لأهل الإسلام راسبا وربما والعياذ بالله يحرق بهذا الحسد والغش والظلم لعباد الله جميع حسناته التي يعملها فى الليل والنهارفكم تجد من الناس من يتعب نفسه فى فعل هذه الطاعات ويجمع حسنات كأمثال الجبال من صلاة وصيام وصدقة وذكر وغير ذلك ثم يصبح أو يمسي وليس له حسنة واحدة قد أذهبها بظلم العباد والتعدي على مصالحهم أو التقصير فى حقوقهم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أتدرون من المفلس قالوا : يارسول الله المفلس فينا من لادرهم عنده ولامتاع *هذا هو المفلس فى الدنيا * .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ثم فنيت حسناته قبل أن يقضى ماعليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار).. فهذا هو والله المفلس الإفلاس الحقيقي وهذه هي والله النكسة المردية اوالخسارة الفادحة والإفلاس الذي ليس بعده إفلاس والعياذ بالله وذكر النبي صلى الله عليه وسلم إمرأتين أنظر هذه القصة العجيبة وقارنها بواقع الناس اليوم بل واقع أهل الخير ورواد المساجد دعك من المسرفين على أنفسهم بالمعاصي وأهل الفجور والفسق (قيل يارسول الله إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل ** إمرأة صوامة قوامة لكم ماذا ؟؟** ولكنها تؤذي جيرانها ... وفى رواية ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها .. قال : لاخير فيها هي في النار قيل يارسول الله فلانة تصلي الصلوات الخمس وتصوم رمضان وتتصدق بأثوار من الأقط * قطع صغيرة من الأقط وهو البقل المعروف** ولا تؤذي جيرانها قال فهي فى الجنة) .. تأمل حال هاتين المرأتين األأولى تصوم النهار لاتفطر أبدا وتقوم الليل لاتفتر أبدا لكنها ابتليت بظلم جيرانها والتقصير فى حقوقهم فحبط أجرها ومحق ثوابها ونفيت عنها الخيرية وإستحقت النار والعياذ بالله والأخرى لاتصلي إلا الصلوات المكتوبة فقط ولاتصوم إلا رمضان مقصرة فى جانب النوافل لكنها وفقت بالكف عن ظلم عبادالله فكانت من أهل الجنة (قال هي فى الجنة )...ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل) ..ولأجل هذا فى موضوع الذكر أيها الأحبة ورد أيات وأحاديث كثيرة يعجب لها الإنسان فى بيان فضائل الذكر حتى إن ابن القيم رحمه الله فى كتاب زاد المعاد دكر للذكر أكثر من مائة فائدة فوائد عظيمة جليلة هي من أعظم أسباب تحقيق محبة الله عزوجل والسعادة للعبد فى الدنيا والأخرة ويكفي من الأحاديث المنصوصة التي وردت فى فضل الذكر وشدة محبة الله عزوجل لأهل الذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم(أفلا أدلكم على خير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها فى درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قيل :بلى يارسول الله قال ذكر الله).. تأمل يا أخي هذا الفضل العظيم لذكر الله عزوجل الذي لايكلف الإنسان شئ يذكر أخف الأعمال على العبد هي حركات اللسان ماتكلفه شئيا ويستطيع أن يقوم بها بكل حال وهو قائم أو قاعد أو مضجع فى بيته أو في سيارته لكن كم يذهب على كثير من أهل الأسلام أوقات كثيرة قد يجد أحيانا أوقاتا فارغة ولايدري مايصنع ويحرم الذكر والعياذ بالله وهذا من أعظم الحرمان ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( لايزال لسانك رطبا من ذكر الله ) وقال صلى الله عليه وسلم ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم).
من أسباب جلب محبة الله عزوجل للعبدأيضا وهي السبب مطالعة القلب لأسمائه وصفاته وصفاته وأفعاله أحبه لامحالة الله عزوجل له الأسماء الحسنى والصفات العلى وهو صاحب الكمال والجمال المطلق سبحانه وتعالى إذا كان الناس يحبون صاحب الخلق الرفيع والكرم والادب والمعاملة الطيبة فكيف لايحبون الله عزوجل وله المثل الأعلى سبحانه وتعالى صاحب الكمال المطلق فلى كل شئ سبحانه ولذلك من عرف الله عزوجل بأسمائه وصفاته أحبه ولابد فهو الرحيم الرحمن ، الكريم المنان ، الجواد المعطي،الغفور الرحيم ، اللطيف الكريم سبحانه وتعالى ولهذا فالتفكر في أسمائه وصفاته ومعانيها وأثارها من أعظم ما يحبب العبد فى الله ويحبب الله عزوجل لعبده فيحقق له المحبة التي يحبها ولهذا لما ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحد أصحابه كان أمير على سرية إذا صلى بأصحابه ختم بصورة الأخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }الإخلاص1 كلما قرأ الفاتحة قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }الإخلاص1أو قرأغيرها ثم ختم ب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }الإخلاص1 فسأله النبي صلى الله عليه وسلم لما تفعل هذا قال يارسول الله إنها صفة الرحمن وأنا أحبها قال إن الله عزوجل يحبك كما أحببت صفته). إذا التفكر في أسمائه وصفاته وأثارها من أعظم مايعلق قلب العبد بربه وهو أيضا من أعظم ما يحبه الله عزوجل من عبده ولهذالاتكاد تجد أية فى كتاب الله إلا وقد ختمت وبينت بإسم من أسماء الله وصفة من صفاته سبحانه وتعالى
ولا زال للخطبة بقية
| </tr>
| |
|