سيطرة الانتر .. مؤشر على ضعف إيطاليا

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ،
والصلاة والسلام على خير الخلق محمد وآله الطيبين الطاهرين.
لا أخفي عليكم اني كنت مشجعا انتراويا متصعبا اثناء البطولة الاخيرة
لدوري الابطال، ولطالما فرحت مع اصدقائي الانتراوية بفوزهم على تشلسي
-برشلونة - بايرن ميونخ فرحا عارما، وكأني ارى فريقي الذي افتقدته طويل
(يوفنتوس) وهو ينتصر ، نعم شجعت الإنتر لأنه كان يمثل إيطاليا .. وأفتخر
بفوزه على جميع ابطال الدوريات الأخرى.
ولكن لانني أحب ايطاليا، واعتبر نفسي مشجعا إيطاليا فاني سأعرض كل فريق
محلي اشجعه للبيع لشراء المنتخب حامل اللقب العالمي بطل العالم 4 مرات،
اشرف التواريخ بعد البرازيل .. المنتخب الذي هو خلاصة ايطاليا كما هو
المفروض.
كمشجع إيطالي بطبيعة الحال حزنت كثيرا على الخروج المأساوي، ولكني
بصراحة لم اكن اطمع بكأس عالم آخر، لأن بحسب قناعتي ان يشاهد المرء منتخبه
يفوز بكأس العالم مرة وحدة في حياته لهو أمر كافي لخلق ذكريات لطيفة
وجميلة، هذا من جهة .. من جهة أخرى كنت متوقعا سقوط إيطاليا، ولكن في الدور
ال16 أو الثمانية، لأن النسخة الايطالية هي اسوء نسخة رأيتها في حياتي منذ
شاهدت بطولة 1994م ، وراجعت سجلات وفيديوهات 1990م ، مرورا ب1998 و اوربا
2000 .. وأخيرا 2006م .. ففي 2010 كانت ايطاليا تطرح اسوء منتخب في
تاريخها، في تاريخها كله على وجه الاطلاق.
لماذا كان خروج إيطاليا متوقعا ؟
تعالوا لنحلل مفهوم المنتخب ماذا يعني؟ ومن هم عناصره ؟

المنتخب هو خلاصة اللاعبين الطليان الاقوياء، افضل اللاعبين الايطاليين
في المواسم الأخيرة .. يزج بهم لمواجهة خلاصات الجنسيات الأخرى، من برازيل
وارجنتين وهولندا واسبانيا ..الخ
فكيف نعرف اللاعب القوي؟
يمارس المدربين او من هم غيرهم طريقتان لمعرفة اللاعب الافضل وهي طرق
غير حاصرة قد يكون هناك طرقا أخرى وقد تكون مختلطة ببعض في اختيار لاعب:
الخيار الاول: الاسم والتاريخ.
الخيار الثاني: الاداء في المواسم الأخيرة .
أما الاسم والتاريخ فواضح، وأظن ان ليبي سقط في اغراءات الاسماء وتاريخ
2006م فاختار عجائز انتهت صلاحياتهم وكان هذا عاملا في سقوط إيطاليا
المدوي.. وقد اشبع المشجعون ملفات التحليل والكلام في هذا الخصوص، أما نحن
فنريد ان نحلل الأمر الثاني والذي نراه السبب الاساسي في سقوط إيطاليا
العظيم ..
وهو الاداء القوي ، ما هو الاداء القوي وكيف يكون ؟

برأينا ان الاداء القوي هو عبارة عن تكيف اللاعب وذكائيه ولياقته في
مواجهة الخصوم القوية، فكلما كان اللاعب يحتك مع لاعبين مهاريين وسريعين
واقوياء واذكياء فانه سيتطور ويتكيف مع الوضع والظرف فينتج لنا لاعبا قويا
وممتازا.
والدائرة التي يغلب فيها الاحتكاك القوي هو ساحة دوري الابطال، حيث
غالبية لاعبي المنتخبات القوية يتم اختيارهم حسب ادائهم، ولو عملنا استقراء
لوجدنا ان افضل اللاعبين اداءا في البطولة هم من عاشوا اجواء دوري الابطال
كثيرا، وشاركوا في مباريات قوية ..واحتكوا مع مختلف الجنسيات وخلاصة
المنتخبات الاخرى وعناصرها.
اما الاداء في الدوري المحلي فقد يلعب دورا، ولكنه برأينا ليس معيار قوي
للكشف عن اللاعبين أو خلق عناصر ممتازة ليتم اختيارها في المنتخب، لأن في
اللعب المحلي يتم غالبا مواجهة نفس الاسلوب، ويتم مواجهة عناصر 80% منهم لم
يحتكوا مع عناصر دولية، فكم من لاعب رأيناه مبدعا في الدوري المحلي هدافا
ماهرا، ولكنه في البطولات الخارجية صفر على الشمال.
فلذا فان اللاعبين الممتازين هم الذين عاشوا اجواء دوري الابطال لفترة
اكثر من موسمين، ليكتسب خبرة ولياقة وذكاء منطلق من احتكاكه مع مدارس
مختلفة، أما ضيافته أو مشاركته القليلة في المحافل الدولية فغير كافلة
لانتاج لاعبين متطورين.
تعالوا لنشاهد هذه المؤشرات في إيطاليا :
عندما يكون اليوفي قويا، والميلان قويا وهم يحتوون على غالبية ايطالية ،
تجد ان المنتخب الايطالي قويا جدا، 2006 كان النهائي ذو غالبية يوفنتساوية
بجمع ايطاليا وفرنسا، ونسبة كبيرة للميلان في المنتخب، وقس على ذلك
التواريخ السابقة ، لا نعني بالمنتخب القوي من يحقق نتائج قوية دائما، إنما
اقصد بالمنتخب الذي يعطي اداء وينافس، فايطاليا 90 و94 و98 خرجت كلها
بضربات الجزاء (عامل الحظ) ولكنها نافست الارجنتين والبرازيل وفرنسا ،
و2000 وصلت لنهائي اوربا عن جدارة، وفي 2004 وقد يكون استثناء ولكنه خرجت
بمؤامرة واضحة، وفي 2006 كانت البطل .. ولكن بعد 2006م بدء الهبوط السريع
والمخجل.
2006م انهار اليوفي من العقوبات، وكبرت اعمار عناصرالميلان وبدء يهوي في
الترتيب تدريجيا، وبدء الانتر يسيطر سيطرة مطلقة، والانتر فريق ايطالي
نعم، يمثل ايطاليا نعم، ولكنه لا يحتوي على عناصر ايطالية إلا لاعب واحد
صغير احتياطي !! فسيطرة الانتر على الدوري المحلي دليل على هبوط مستوى
اللاعبين الايطاليين بشكل عام وبشكل خاص في المنتخب.. لماذا؟
اليوفي خلال السنوات الاخيرة لم يشارك بدوري الابطال مشاركة عميقة فلم
تخلق لعناصره فرصة للتقوي، وكذلك الفرق الاخرى الايطالية التي كانت تشارك،
تشارك مرة ثم تغيب او مرتين ..ألخ، والميلان كان يعاني من الاعمار الكبيرة،
بينما الانتر كان يتطور ويتكيف لانه كان يتاهل كل مرة ويطمح في الوصول
للادوار النهائية وقد تحقق حلمه.
وبذلك كان اليوفي والميلان ضعيفان بعد كأس العالم، وكانت سيطرة الانتر
دليلا على ضعف الاداء الايطالي.
كان المنتخب الايطالي يحتوي على غالبية من هذين الفريقين وليس لديه
عناصر في الانتر: فاداء اليوفي متكيف مع فترة انطلقت من الدرجة الثانية ومن
دوري محلي ومن مشاركة متواضعة في دوري الابطال، عانى عناصره الخبيرة ايضا
من عامل اللياقة وعامل العمر، والميلان كذلك.
وعليه فان عناصر المنتخب الايطالي كانت عناصر غير قوية، وكانها لاول مرة
تواجه خلاصات ومنتخبات العناصر القوية المتطورة، وكرة القدم لا تتوقف
تتطور من موسم إلى آخر، والدليل على ذلك الروح القتالية للقوي ومقارنتها
بروح القتالية للضعيف، فان الضعيف عندما يحقق شيئا أمام مثيله فانه يفرح
فرحا عارما، ولكن القوي لا يريد يشعر بنشوة عن هزيمة الضعيف، إنما يطمح الى
سحقه والى سحق الكبار .. وشاهدنا كيف فرح الايطاليون بتعادلهم مع نيوزلندا
من ضربة جزاء !!!!!!!! وكأنهم هزموا فريقا كبيرا، في حين انهم يفترض ان
يشتعلوا غضبا وحماسة ويرجعوا الكرة للسنتر بهدف احراز الكثير من الاهداف
وايجاد فارق .. وعندما شاهداهم في آخر 10 دقائق من مباراة سلوفاكيا،
وجدناهم ذوي روح قتالية، لماذا؟ لانهم شعروا شعورا حقيقيا بالتهديد
والخيبة، ورغبوا فعلا في الفوز والتأهل.
إن علاج المنتخب لا يكون فقط في الاختيارات، نعم نؤكد على ان ليبي اخطأ
في اختياراته للعناصر، واخطأ في العناصر التي يزج بها في المباريات، واني
اظن انه لم يكتشف اداءات عناصر المنتخب، إذ كيف يجعل ياكوينتا
(اليوفنتساوي) اساسيا ويلعب بقلاردينو مبارتين، ولم يفعلوا شيئا طوال هتين
المبارتين، بينما كواريللا في 10 دقائق يسجل هاتريكا ويصنع هدفا ؟؟؟؟؟ كيف
لم يكتشف المدرب مهارات هذا اللعب ومواهبه وقدرته المذكورة ؟؟؟؟
ولكن العلاج الأساسي لن يكون في تعديل الاختيارات والخطة، إنما العلاج
يكون من الجذور، يجب على الفرق الايطالية ان تتقاتل من اجل الشرف الخارجي،
وألا تصب جامها فقط على الاداء المحلي، عليها ان تصبوا الى الاحتكاك مع
الفرق والمدارس الاخرى، لكي يتكيف العناصر، وينتج لنا جيلا بعد جيل عناصر
قوية وممتازة ومتكيفة مع كل اللياقات العالمية والمدارس الكروية، لا فقط
دوري محلي.
يجب اصلاح اليوفي والميلان من الجذور، ومنافسة الانتر منافسة حقيقية على
الدوري، وان يطمح اللاعبون وبخاصة الشبان على الشرف الاوربي، ومقاتلة
الفرق الكبيرة.
وتعالج هذين الفريقين يحتاج الى فترة برأيي، لأنه يحتاج الى موسمين او
ثلاث في دوري الابطال لكي يخلق لنا لاعبين شبان احتكوا مع الفرق القوية
(خلاصة كل الدوريات القوية) ويتم تعويضهم بكبار السن، ينتج لنا لاعبين
متكيفين مع كل الظروف، لاعبين اقوياء.

يجب ان يتقوى اليوفي والميلان .. جناحا ايطاليا، لكي تطير إيطاليا.

عندها سترجع إيطاليا التي لا يمكن ان تخرج من البطولة إلا بضربات الحظ
ولو واجهها ماردونا وروماريو وزيدان .. أو باخطاء تحكيمية.


فلندعوا الى عودة المنافسة القوية داخل ايطاليا وعدم سيطرة فريق واحد،
ومنافسة الفرق الايطالية ككل مع الفرق الاوربية الاخرى وليس فريق واحد
متمثل بالانتر.

هذا برأي السبب الرئيسي في تدني مستوى ايطاليا، مع اضافة اسباب أخرى نحو
سوء اختيارات المدرب (معروفة الاسماء التي لم يخترها، والتي لم يلعبها في
المونديال، والاسماء الهرمة من جهة والصغيرة من جهة أخرى) والاخطاء
التحكيمية (هدف البارغواي كان من فاول لم يكن فاولا، هدف نيوزلندا من تسلل،
إلغاء هدفي كواليريللا صحيحين بحسب تحليل الجزيرة الرياضية) ..

ولكن السبب الرئيسي هو ما قلناه:
عدم تكيف عناصر المنتخب في المواسم الاخيرة لفرقهم المحلية مع تطور
الكرة.
فيجب ان يتطور اليوفي والميلان .. وينافسوا الانتر.

وشكرا